إد جين: القاتل الذي حوّل الجثث إلى أثاث وألهم أفلام الرعب العالمية

Ed Gein
Ed Gein

إدوارد ثيودور جين، المعروف باسم "Ed Gein" أو "جزار بلينفيلد"، يُعد من أكثر القتلة المتسلسلين إثارة للجدل في تاريخ الولايات المتحدة. وُلد في 27 أغسطس 1906 في ولاية ويسكونسن، ونشأ في بيئة أسرية مضطربة تحت سيطرة والدته المتدينة والمتشددة، التي زرعت فيه مفاهيم مشوهة عن النساء والخطيئة. هذه التربية القاسية كانت الشرارة الأولى لانحرافه النفسي والسلوكي.

العزلة والتحول إلى الرعب

في قلب ولاية ويسكونسن، وُلد إد جين عام 1906 وسط عائلة مفككة تقودها أم متسلطة وأب مدمن عاجز عن الاحتفاظ بوظيفة. بعد بيع محل البقالة، انتقلت الأسرة إلى مزرعة نائية منعزلة عن العالم، حيث بدأت أوغستا، الأم المتدينة، في بناء عالمها الخاص بعيدًا عن "فساد البشر".

كانت تعزل ولديها عن أي تأثير خارجي، وتغرس فيهم أفكارًا متطرفة عن الخطيئة والنساء والخمر. كل يوم بعد الظهر، كانت تقرأ لهم من الإنجيل، وتختار أكثر المقاطع ظلمة: الموت، العقاب، واللعنة.

إد، الطفل الخجول، لم يعرف الصداقة ولا اللعب. كان يضحك لنفسه في الصف، ويعاقب كلما حاول الاقتراب من الآخرين. ورغم ذلك، أظهر تفوقًا في القراءة، وكأن الكتب كانت نافذته الوحيدة إلى عالم خارج جدران المزرعة.

هكذا، في عزلة مئة وخمسة وخمسين فدانًا، بدأت تتشكل ملامح شخصية ستصبح لاحقًا واحدة من أكثر رموز الرعب النفسي في التاريخ الأميركي.

اكتشاف الجرائم: لحظة الصدمة

في عام 1957، اختفت صاحبة متجر محلي تُدعى بيرنيس ووردن، مما دفع الشرطة إلى تفتيش منزل إد غين. ما وجدوه كان صادمًا: بقايا بشرية مشوهة، أدوات مصنوعة من أجزاء أجساد، وأدلة دامغة على جرائم قتل. اعترف غين بقتل امرأتين هما ماري هوغان (1954) وبيرنيس ووردن (1957)، كما اشتُبه بتورطه في حالات اختفاء أخرى، لكن دون إثبات قاطع.

المحاكمة والنهاية

رغم بشاعة الجرائم، أُدين إد غين بجريمة قتل واحدة فقط، واعتُبر غير مسؤول جنائيًا بسبب إصابته باضطرابات عقلية حادة. أودع في مستشفى للأمراض النفسية، حيث بقي حتى وفاته في 26 يوليو 1984. لم يُحاكم محاكمة تقليدية، بل خضع لتقييمات نفسية مكثفة أثبتت عدم أهليته العقلية.

تأثير إد غين على الثقافة الشعبية

قضية إد غين تجاوزت حدود الجريمة، لتصبح مصدر إلهام لأشهر أفلام الرعب النفسي. من شخصية "نورمان بيتس" في فيلم Psycho، إلى "ليذر فيس" في Texas Chainsaw Massacre، و"بافالو بيل" في Silence of the Lambs، جميعها استلهمت من جرائم غين. لا تزال قصته تُدرس في علم النفس الجنائي كمثال حي على العلاقة بين الاضطراب العقلي والجريمة.

لماذا لا تزال قصة إد غين حاضرة؟

لأنها تكشف الجانب المظلم من النفس البشرية، وتطرح أسئلة عميقة حول تأثير التربية، العزلة، والمرض النفسي على السلوك الإجرامي. إد غين لم يكن مجرد قاتل، بل مرآة مشوهة تعكس كيف يمكن أن يتحول الإنسان إلى وحش تحت ظروف معينة.

بداية الجريمة: اختفاء برنيس وردن

في صباح يوم 16 نوفمبر 1957، شهدت بلدة بلينفيلد في ولاية ويسكونسن حادثة غامضة أثارت الرعب في المجتمع المحلي. اختفت برنيس وردن، صاحبة متجر للأدوات، بشكل مفاجئ. أفاد أحد الشهود أن شاحنة المتجر غادرت من الخلف حوالي الساعة 9:30 صباحًا، بينما ظل المتجر مغلقًا طوال اليوم، ما دفع البعض للاعتقاد أن الإغلاق مرتبط بموسم صيد الغزلان.

عند الساعة الخامسة مساءً، دخل نجل برنيس، وهو نائب قائد شرطة المنطقة، إلى المتجر ليجد آلة التسجيل مفتوحة وبقع دم على الأرض. سرعان ما تحولت الشكوك إلى تحقيق رسمي، خاصة بعد أن كشف الابن أن إد جين كان آخر من زار المتجر مساء اليوم السابق، وأخبر والدته أنه سيعود صباحًا.

اكتشاف منزل الرعب: مزرعة إد جين
 اكتشاف منزل الرعب: مزرعة إد جين

 اكتشاف منزل الرعب: مزرعة إد جين

في مساء نفس اليوم، ألقت الشرطة القبض على إد جين وتوجهت إلى مزرعته لتفتيشها. ما وجدوه هناك تجاوز كل التوقعات: جسد برنيس وردن كان معلقًا رأسًا على عقب، مشوهًا بعد إطلاق النار عليه ببندقية من عيار 0.22. لكن هذا لم يكن سوى البداية.

داخل المنزل، اكتشفت السلطات مشاهد مروعة:

  • عظام بشرية كاملة.
  • سلة مهملات وكراسي مغطاة بجلد الإنسان.
  • جماجم أنثوية منشورة بالمنشار.
  • أوعية ومصابيح مصنوعة من جماجم وجلود بشرية.
  • ملابس ومشدات وأقنعة من جلود الموتى.
  • أعضاء بشرية محفوظة في صناديق وأكياس.
  • حزام مصنوع من الحلمات الأنثوية.
  • وجه مسلوخ داخل كيس ورقي.
  • تم تصوير وتحريز هذه الأدلة، ثم أُتلفت لاحقًا بسبب بشاعتها.

اعترافات المقابر: نبش الجثث وصناعة الرعب

أثناء التحقيق، اعترف جين بأنه بين عامي 1947 و1952 قام بما يصل إلى 40 زيارة ليلية لثلاثة مقابر محلية، بحثًا عن جثث نساء يشبهن والدته. في حوالي 30 مرة، قال إنه كان يستفيق من حالة "دوار" ويجد نفسه في المقبرة. أما في المرات الأخرى، فقد أخذ الجثث إلى منزله وسلخ جلودها لصنع أدوات وأقنعة.

قاد جين المحققين إلى تسعة قبور، وتم فتح ثلاثة منها بإشراف مختبر الجريمة الحكومي، وتأكدت صحة اعترافاته. الجثث كانت قد نُبشت بعد وقت قصير من دفنها، قبل أن تُغطى بالتراب.

الجانب النفسي: اضطراب عميق ورفض جنسي

نفى جين ممارسة الجنس مع الجثث، مبررًا ذلك بأن "رائحتها سيئة للغاية". كما اعترف بقتل ماري هوجان، صاحبة حانة مفقودة منذ عام 1954، وعُثر على رأسها في منزله، لكنه لم يتذكر تفاصيل الجريمة.

أحد الشهود، شاب يبلغ من العمر 16 عامًا، أفاد بأن جين احتفظ برؤوس بشرية في منزله، وادعى أنها آثار من الفلبين أرسلها ابن عمه. بعد التحقيق، تبيّن أنها وجوه بشرية مقشرة بعناية، استخدمها جين كأقنعة.

التحقيق والصدمة: انهيار رئيس الشرطة

خلال الاستجواب، اعتدى رئيس شرطة مقاطعة ووشارا على جين، ما أدى إلى اعتبار اعترافه الأولي غير صالح قانونيًا. لاحقًا، توفي رئيس الشرطة بسبب فشل في القلب عام 1968، قبل محاكمة جين. أصدقاءه أكدوا أن الصدمة النفسية من الجرائم، والخوف من الشهادة، كانت السبب الحقيقي في وفاته، وقال أحدهم: "لقد كان ضحية لجين كما لو أنه ذبحه".

إرث إد جين: من الجريمة إلى الثقافة الشعبية

قضية إد جين لا تزال تُدرس في علم النفس الجنائي، وتُستحضر في أفلام الرعب مثل Psycho وThe Texas Chainsaw Massacre وSilence of the Lambs. إنها ليست مجرد قصة قاتل، بل مرآة مرعبة لانحراف النفس البشرية تحت وطأة العزلة والاضطراب العقلي.

جدل زمني لجميع جرائم إد جين المعروفة:


📅 الجدول الزمني لجرائم إد جين

التاريخ الحدث التفاصيل
1947–1952 زيارات المقابر قام بنبش قبور نساء حديثات الوفاة لصناعة أدوات من جلودهن
1954 اختفاء ماري هوغان صاحبة حانة، عُثر على رأسها لاحقًا في منزل جين
16 نوفمبر 1957 اختفاء برنيس وردن صاحبة متجر، تم العثور على جثتها مشوهة في مزرعة جين
نوفمبر 1957 تفتيش المنزل اكتشاف أدوات منزلية مصنوعة من أجزاء بشرية
1958 بدء التحقيقات النفسية تشخيص جين بالفصام واعتباره غير مسؤول جنائيًا
26 يوليو 1984 وفاة إد جين توفي في مستشفى للأمراض النفسية عن عمر 77 عامًا

توفي جين في معهد ميندوتا للصحة العقلية بسبب سرطان الرئة في 26 يوليو 1984، عن عمر يناهز 77 عامًا. على مر السنين، قام الباحثون عن التذكارات بنبش قبره في مقبرة بلينفيلد، حتى تم سرقة شاهد القبر نفسه في عام 2000. تم استرداده في يونيو 2001، بالقرب من سياتل، وتم تخزينه في قسم شريف مقاطعة واشارا. القبر نفسه غير مميز حتى الآن، ولكنه ليس مجهولًا؛ تم دفن جين بين والديه وأخيه في المقبرة.
المقال السابق
لا تعليقات
إضافة تعليق
رابط التعليق